بحـث
المواضيع الأخيرة
شريط الاهداء
مايو 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | 4 | |||
5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 |
12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 |
19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 |
26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 |
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 2 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 2 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 38 بتاريخ الجمعة فبراير 09, 2024 12:19 pm
5-البحترى
منتدى كلية البنات للاداب والتربية :: الفئة الأولى :: اقسام الكلية الادبية :: قسم اللغة العربية :: الادب
صفحة 1 من اصل 1
5-البحترى
البحتري
هو أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحي التنوخي الطائي ، أحد أشهر الشعراء العرب في العصر العباسي ، ولد في منبج إلى الشمال الشرقي من حلب سنة 206هـ، ظهرت موهبته الشعرية منذ صغره، انتقل إلى حمص ليعرض شعره على أبي تمام الذي وجهه و أرشده إلى ما يجب أن يتبعه في شعره ، كان شاعرا في بلاط الخلفاء : المتوكل و المنتصر و المستعين و المعتز بن المتوكل، كما كانت له صلات وثيقة مع وزراء الدولة العباسية و غيرهم من الولاة و الأمراء و قادة
الجيوش، بقي على صلة وثيقة بمنبج و ظل يزورها حتى وافته المنية، خلّف ديوانا ضخما أكثر مافيه في المديح و أقله في الرثاء و الهجاء، و له أيضا قصائد في الفخر و العتاب و الإعتذار و الحكمة و الوصف و الغزل، كان مصورا بارعا و من أشهر قصائده تلك التي يصف فيها ايوان كسرى و الربيع.
لمّا قتل المتوكل ووزيره الفتح ابن خاقان لبث الشاعر في العاصمة يتقلب مع كلّ سلطان مستجديا ، حتى عاد سريعا إلى منبج يقضي فيها أيامه الأخيرة فأدركته الوفاة سنة284هـ و دفن في بلدته منبج.
آثاره:
للبحتري ديوان شعر كبير طبع مرارا في القسطنطينية و دمشق و مصر و بيروت، و قد شرح أبو العلاء المعري قديما هذا الديوان و سمّاه عبث الوليد، و للبحتري كتاب الحماسة و كتاب معاني الشعر.
في صحبة أبي تمام:
أدنى أبو تمام البحتري منه يرعاه ماديا ، و يدعمه أدبيا و زاد في أفاق طموحه، و عقد له إمارة الشعر من بعده، و تأدب البحتري بحضرة أبي تمام ، و جلس إليه جلسة التلميذ مع معلمه، و صاحبه مصاحبة طالب المعرفة ، و كان الأستاذ كريم النفس ، و كبير القلب يحب الأدباء، و يعطف على الشعراء و إن كرهه صغارهم ، و حقد عليه أدعياؤهم.
و عندما قصد البحتري المعرة كتب الشاعر الأستاذ إلى وجوه المعرة يوصيهم بتلميذه الذي تألق منه النجم، فأجروا عليه جراية قدرها أربعة ألاف درهم في السنة، و ذلك خير كثير بالنسبة إلى ما كان عليه في منبج، و حفظ البحتري لأبي تمام هذه اليد ، فقال مقدما إياه على نفسه عندما سئل عنه ، و قد قدمه بعضهم على أبي تمام، و الله ما أكلت الخبز إلا به ، و لوددت أن الأمر كما قالوا ، و لكني والله تابع له لائذ به ، نسيمي يركد عند هوائه ، و أرضي تنخفض عند سمائه.
شاعر المتوكل:
يدخل البحتري إلى القصر الممنع الأبواب إلا عن خاصة الخاصة، و الموصد المصاريع إلا عمن شملتهم يد النعمى، و بذا أصبح شاعر المتوكل، و أنشده خلال خمسة عشر عاما ، ما يفرغ من مدحه إلا ليعود إلى صياغة غيرها، لكن المتوكل قتل فكانت تلك الفاجعة العظمى، و الكارثة الجلى التي حلت بساحة الشاعر ، حتى أنه خرج عن طوره و لم يقدر أن يضبط أو يزين كلماته، و كان الألم و الحقد اللذان تفجرا من أعماقه هما المتكلمان برثاء الخليفة القتيل الذي قرنه بهجاء الخليفة الجديد " المنتصر " و شنع عليه القول ، و اختفى متواريا عن الأنظار خوفا من انتقام المنتصر ، و لكنه لم يقدر و قد تذوق حلاوة النعمة، و رغد العيش أن يبقى بعيدا عن القصر ، و هكذا عاد من جديد فظهر على المسرحالسياسي يصول و يجول بعد أن توسل بالتوبة إلى قلب الخليفة بوساطة الوزير أحمد بن الخصيب الذي شفع له ، شاملا إياه برعايته ، و قال البحتري مفسرا تواريه عن الأنظار بأنه كان يقضي مناسك الحج شكرا لله على ما قيّض للمسلمين من خليفة عادل و إمام رحيم يتحلى بالعفو و سعة الصدر ، و رد المظالم، يقول:
حججنا البنيّة شكرا لما حبانا به الله في المنتصر
تطول بالعدل لما قضى و أجمل في العفو لما قدر
رددت المظالم و استرجعت يداك الحقوق لمن قد قهر
ثم قامت دولة المعتز التي أعادت للشاعر نضارة و غضارة أيام المتوكل فغرق من جديد في البذخ ، و رفع علم التهتك و الاستهتار و شرب الخمور على دين أبي نواس حتى كأن روح النواسي تقمصت فيه
و دالت دولة المعتز و اعتلى سدة الخلافة المهتدي و كان على شيء من التدين ، فانقلبت سيرة صاحبنا فجأة من النقيض إلى النقيض، فلبس لباس التقوى و تسربل لباس الزهد مصانعة للخليفة الجديد بكذب تفضحه سيرته السابقة يقول:
و مالت الدنيا حين أشرقت له في تناهي حسنها و احتشادها
لسجادة السجاد أحسن منظرا من التاج في أحجاره و اتقادها
الوصف عند البحتري:
الوصف هو الذي رفع منزلة البحتري ، و أحله في الطبقة الأولى ، فقد أوتي من قوة المخيلة ، و روعة التصور ما جعله يتناول الأشياء المادية فيرسمها بشعره لمحا ، فيخرج لها صورا دقيقة بارعة الفن، و قد يرتفع عن المرئيات فيمعن في سماء الخيال ، ثم يعود بمختلف التصاوير و التهاويل ملؤها حركة و حياة فتحس كأنك تسمع جرسها و ترى خطراتها
و كان لنشأة الشاعر في بادية منبج يد في تصفية خياله، فشب على ما يشب على ما يشب عليه أهل البداوة من دقة الحس، و صدق المخيلة و رفت عليه منبج بجمالها الطبيعي الذي تغنى به الشعراء ، فاستمد منها خياله البديع، ثم زاده ثروة بأسفاره إلى الأمصار المتحضرة ، فبهرته المدينة الجديدة بمشاهدة عمرانها ، فشغف بها، و صورها أحسن تصوير ، كوصفه إيوان كسرى و بركة المتوكل، و قصر المعتز، و مجالس اللهو و الخمر أو وصفه للمناظر الطبيعية ، كدجلة و الربيع ، حتى أن أوصافه البدوية على ماديتها الظاهرة و ضيق حدودها و سلوكه في أكثرها مسلك من تقدمه لا يعدوها جمال الفن و لاسيما قصيدة الذئب منزلته:
نسب إلى أبي العلاء المعري أنه قال :" أبو تمام و المتنبي حكيمان و إنما الشاعر البحتري" و منهم من يضيف هذا القول إلى المتنبي نفسه فيزعم أنه قال :" أنا و أبو تمام حكيمان و إنما الشاعر البحتري" و كلا الأمرين عندنا مشكوك فيه لأنه إما مخالف لعقيدة أبي العلاء في شاعرية أبي الطيب و كان يسميه وحده الشاعر و يسمي غيره من الشعراء باسمه كما قال ابن الأثير ، و إما مخالف لعقيدة أبي الطيب و إيمانه القوي بشعره على أن البحتري أصح من أبي تمام طبعا ، و أقل تكلفا ، و أوضح الثلاثة ديباجة ، و أكثرهم انسجاما ، و أسلمهم من الغموض و التعقيد، ذلك بأن نشأته البدوية جعلته لا يحتفل بالمعاني الفلسفية و الأدلة العقلية ، و لا يتورط في التزام البديع لأنه يخالف أذواق أهل البادية المطبوعين على الشعر و لا يسرف في طلب الغريب و أوتي ديباجة رائقة قلما ظفر شاعر بمثلها حتى ضرب المثل بها فقيل ديباجة بحترية ، و شبه شعره لأجلها بسلاسل الذهب لتناسقه و تماسكه و رونقه و حسن انسجامه
ابن المعتز
حياته:
ولد أبو العباس عبد الله ابن المعتز في شعبان سنة 247هـ كما يقول ابن خلكان في بيت الخلافة، وولى والده المعتز بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد العرش عام 252هـ، و مكث فيه ثلاث سنين ، قتل بعدها بيد الأتراك الذين كان بيدهم جميع أمور الدولة إبان هذه الفترة ، و كان لنكبة والده أثر عميق في حياته و نفسيته
تلقى ثقافته في الدين و اللغة و الأدب على شيوخ العربية و أئمتها الذين حفل بهم هذا العصر الزاخر بألوان العلوم و الثقافات و الآداب و كان من أساتذته المبرد، المتوفي سنة 285هـ و ثعلب المتوفي سنة 291 هـ و سواهما من فحول العلماء
ظهرت شاعريته في أول عهده بالشباب فامتلأت بها حياته كما انصرف عن مؤتمرات السياسة إلى حياة العلم و الأدب، فكاب البليغ الساحر و الشاعر المجيد، و الناقد الواقف على خصائص الأدب و البيان، و له مؤلفات كثيرة جيدة منها ، كتاب البديع ، و فصول التماثيل ، و طبقات الشعراء ، و ديوانه مطبوع في جزأين عاصر ابن المعتز بعد وفاة والده أربعة من الخلفاء العباسيين هم المهتدي ( 255-256هـ) و المعتمد( 256-279هـ) و المعتضد( 279-289هـ) و المكتفي( 289-295هـ) و عاش بينهم معتزا بشخصيته، نبيل النفس عظيم الخلق لمّا مات ابن عمه الخليفة العباسي المكتفي بالله عام 295هـ ولى الأتراك ابنه المقتدر العرش بعده، و كان طفلا فثار الناس في بغداد و انتهت هذه الثورة المسالمة بخلع المقتدر، و تولية ابن المعتز الخلافة عام 296هـ و مكث فيها ليلة واحدة ، حيث قاوم حزب المقتدر هذه الثورة تؤيده القوة الحربية في الدولة ، قبض على ابن المعتز و وزيره محمد بن دؤاد بن الجراح و قتلا عام 296هـ و بذلك انتهت حياة شاعر كبير من شعراء العربية المعدودين
شاعريته و خصائصها:
ارهفت نفسية ابن المعتز و حياته و ثقافته و بيئته مشاعره و وجدانه و إحساسه، فنشأ شاعرا ملهم الشاعرية ، قوي الملكات ، شعره صورة لحياته الخاصة أولا و لحياة الطبقة المترفة و الاتجاهات العليا في السياسة و الاجتماع و الآداب أخيرا ، و هو فوق ذلك صورة صادقة للنفس الخالصة التي تؤمن بالفن للفن لا لأغراض الحياة و حاجاتها لأنه كان يحي حياة فنية خالصة، فلم يكن ينظم الشعر لمجد أو لمال أو لرضا خليفة و إنما ينظمه لنفسه ليرضي به نفسه و وجدانه و ذوقه و قد أجاد في الشعر السياسي كما أجاد في الفخر و الإخوانيات و الغزل و خمرياته فيها دقة معان، و رقة تصوير و كثرة تشبيهات و فنه فيها يقف بجانب فن أبي نواس في خمرياته منزلته الشعرية:
ابن المعتز أديب ساحر، و شاعر ملهم و شخصية بارزة بين الشخصيات التي نبغت في القرن الثالث الهجري ، و هو أمير التشبيه في الشعر العربي القديم و الحديث يعد من الطبقة الثالثة التي خلفت طبقة أبي نواس و طبقة بشار زعيم المحدثين و يعدون معه في طبقته أبا تمام و البحتري و بعض النقاد يجعل ابن الرومي و ابن المعتز طبقة رابعة من طبقات المحدثين ، و يجعل أبا تمام و البحتري حاملي راية الطبقة الثالثة في المحدثين أما عن المدرسة الأدبية التي يمثلها ابن المعتز فهي مدرسة المحدثين التي قاد زمامها أبو تمام و البحتري و التي امتازت بميزتين:
الأولى : هي التعمق في المعاني و استنباطها مما يتجلى لك في شعر أبي تمام و ابن الرومي واضحا ملموسا الثانية: هي الصناعة الشعرية المتأنقة التي تطلب ألوان الجمال في الأداء و تعتمد على الترف البياني في الأسلوب من جناس و طباق و تشبيه و استعارة و تمثيل
ابن المعتز هو الشاعر الذي انتهت إليه الصناعة الشعرية المتعمدة المتكلفة، فقد كان يحب الفن للفن ، و ينظم الشعر ليلهو به
يقول ابن شرف القيرواني في رسالة الانتقاء: ابن المعتز ملك النظام، له التشبيهات المثلية و الاستعارات الشكلية ، و لإشارات السحرية و الافتخارات العلوية و الغزل الرائق و العتاب الشائق و وصف الحسن الفائق
نقد لشعر ابن المعتز:
يأخذ بعض الكتاب على ابن المعتز أنه لا يزيد في صوره الفنية على أن يعطيك نسخة لما يرسم لك دون أن يعبر في تصويره عن خلجات نفسه و مشاعره ففي قوله:
نظر إليك كزورق من فضة قد أثقلته حمولة من عنبر
فهو هنا يشبه الهلال بزورق من فضة أثقلته حمولة من عنبر ، فلا يزيد على أن يعطيك نسخة من صورة الهلال، لا علاقة بينها و بين إحساسه و مع ذلك فلم يحسن في نقل نسخة تامة الشبه بالهلال، و يكفي أن تتصور الهلال في خيالك ثم تتصور بجانبه زورق ابن المعتز لتدرك الفارق الكبير، و تعلم مقدار ما شوّه ابن المعتز منظر الهلال الجميل
و مما ذكر من رديء شعر ابن المعتز قوله:
أرى ليلا من الشعر على شمس من اتلناس
فالجمع كما يقول أبو هلال(1) بين الليل و الناس رديء، و قد وقع هنا باردا
نماذج من شعر ابن المعتز:
قال في الغزل:
قف خليلي لشرة (2) دارا أو محلا منها خلاء قفارا
ألبستني سقما أقام و سارت و استجاب قلبي إليها فطار
لي حبيب مكذب بالأماني جعل الدهر موعدا و انتظار
أيها الكب بلغوها سلامي و اتقوا أخذ طرفها السحارا
و قال في الفخر:
أيها السائلي على الحسب الأطـيب ما فوته لخلق مزيد
هو أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحي التنوخي الطائي ، أحد أشهر الشعراء العرب في العصر العباسي ، ولد في منبج إلى الشمال الشرقي من حلب سنة 206هـ، ظهرت موهبته الشعرية منذ صغره، انتقل إلى حمص ليعرض شعره على أبي تمام الذي وجهه و أرشده إلى ما يجب أن يتبعه في شعره ، كان شاعرا في بلاط الخلفاء : المتوكل و المنتصر و المستعين و المعتز بن المتوكل، كما كانت له صلات وثيقة مع وزراء الدولة العباسية و غيرهم من الولاة و الأمراء و قادة
الجيوش، بقي على صلة وثيقة بمنبج و ظل يزورها حتى وافته المنية، خلّف ديوانا ضخما أكثر مافيه في المديح و أقله في الرثاء و الهجاء، و له أيضا قصائد في الفخر و العتاب و الإعتذار و الحكمة و الوصف و الغزل، كان مصورا بارعا و من أشهر قصائده تلك التي يصف فيها ايوان كسرى و الربيع.
لمّا قتل المتوكل ووزيره الفتح ابن خاقان لبث الشاعر في العاصمة يتقلب مع كلّ سلطان مستجديا ، حتى عاد سريعا إلى منبج يقضي فيها أيامه الأخيرة فأدركته الوفاة سنة284هـ و دفن في بلدته منبج.
آثاره:
للبحتري ديوان شعر كبير طبع مرارا في القسطنطينية و دمشق و مصر و بيروت، و قد شرح أبو العلاء المعري قديما هذا الديوان و سمّاه عبث الوليد، و للبحتري كتاب الحماسة و كتاب معاني الشعر.
في صحبة أبي تمام:
أدنى أبو تمام البحتري منه يرعاه ماديا ، و يدعمه أدبيا و زاد في أفاق طموحه، و عقد له إمارة الشعر من بعده، و تأدب البحتري بحضرة أبي تمام ، و جلس إليه جلسة التلميذ مع معلمه، و صاحبه مصاحبة طالب المعرفة ، و كان الأستاذ كريم النفس ، و كبير القلب يحب الأدباء، و يعطف على الشعراء و إن كرهه صغارهم ، و حقد عليه أدعياؤهم.
و عندما قصد البحتري المعرة كتب الشاعر الأستاذ إلى وجوه المعرة يوصيهم بتلميذه الذي تألق منه النجم، فأجروا عليه جراية قدرها أربعة ألاف درهم في السنة، و ذلك خير كثير بالنسبة إلى ما كان عليه في منبج، و حفظ البحتري لأبي تمام هذه اليد ، فقال مقدما إياه على نفسه عندما سئل عنه ، و قد قدمه بعضهم على أبي تمام، و الله ما أكلت الخبز إلا به ، و لوددت أن الأمر كما قالوا ، و لكني والله تابع له لائذ به ، نسيمي يركد عند هوائه ، و أرضي تنخفض عند سمائه.
شاعر المتوكل:
يدخل البحتري إلى القصر الممنع الأبواب إلا عن خاصة الخاصة، و الموصد المصاريع إلا عمن شملتهم يد النعمى، و بذا أصبح شاعر المتوكل، و أنشده خلال خمسة عشر عاما ، ما يفرغ من مدحه إلا ليعود إلى صياغة غيرها، لكن المتوكل قتل فكانت تلك الفاجعة العظمى، و الكارثة الجلى التي حلت بساحة الشاعر ، حتى أنه خرج عن طوره و لم يقدر أن يضبط أو يزين كلماته، و كان الألم و الحقد اللذان تفجرا من أعماقه هما المتكلمان برثاء الخليفة القتيل الذي قرنه بهجاء الخليفة الجديد " المنتصر " و شنع عليه القول ، و اختفى متواريا عن الأنظار خوفا من انتقام المنتصر ، و لكنه لم يقدر و قد تذوق حلاوة النعمة، و رغد العيش أن يبقى بعيدا عن القصر ، و هكذا عاد من جديد فظهر على المسرحالسياسي يصول و يجول بعد أن توسل بالتوبة إلى قلب الخليفة بوساطة الوزير أحمد بن الخصيب الذي شفع له ، شاملا إياه برعايته ، و قال البحتري مفسرا تواريه عن الأنظار بأنه كان يقضي مناسك الحج شكرا لله على ما قيّض للمسلمين من خليفة عادل و إمام رحيم يتحلى بالعفو و سعة الصدر ، و رد المظالم، يقول:
حججنا البنيّة شكرا لما حبانا به الله في المنتصر
تطول بالعدل لما قضى و أجمل في العفو لما قدر
رددت المظالم و استرجعت يداك الحقوق لمن قد قهر
ثم قامت دولة المعتز التي أعادت للشاعر نضارة و غضارة أيام المتوكل فغرق من جديد في البذخ ، و رفع علم التهتك و الاستهتار و شرب الخمور على دين أبي نواس حتى كأن روح النواسي تقمصت فيه
و دالت دولة المعتز و اعتلى سدة الخلافة المهتدي و كان على شيء من التدين ، فانقلبت سيرة صاحبنا فجأة من النقيض إلى النقيض، فلبس لباس التقوى و تسربل لباس الزهد مصانعة للخليفة الجديد بكذب تفضحه سيرته السابقة يقول:
و مالت الدنيا حين أشرقت له في تناهي حسنها و احتشادها
لسجادة السجاد أحسن منظرا من التاج في أحجاره و اتقادها
الوصف عند البحتري:
الوصف هو الذي رفع منزلة البحتري ، و أحله في الطبقة الأولى ، فقد أوتي من قوة المخيلة ، و روعة التصور ما جعله يتناول الأشياء المادية فيرسمها بشعره لمحا ، فيخرج لها صورا دقيقة بارعة الفن، و قد يرتفع عن المرئيات فيمعن في سماء الخيال ، ثم يعود بمختلف التصاوير و التهاويل ملؤها حركة و حياة فتحس كأنك تسمع جرسها و ترى خطراتها
و كان لنشأة الشاعر في بادية منبج يد في تصفية خياله، فشب على ما يشب على ما يشب عليه أهل البداوة من دقة الحس، و صدق المخيلة و رفت عليه منبج بجمالها الطبيعي الذي تغنى به الشعراء ، فاستمد منها خياله البديع، ثم زاده ثروة بأسفاره إلى الأمصار المتحضرة ، فبهرته المدينة الجديدة بمشاهدة عمرانها ، فشغف بها، و صورها أحسن تصوير ، كوصفه إيوان كسرى و بركة المتوكل، و قصر المعتز، و مجالس اللهو و الخمر أو وصفه للمناظر الطبيعية ، كدجلة و الربيع ، حتى أن أوصافه البدوية على ماديتها الظاهرة و ضيق حدودها و سلوكه في أكثرها مسلك من تقدمه لا يعدوها جمال الفن و لاسيما قصيدة الذئب منزلته:
نسب إلى أبي العلاء المعري أنه قال :" أبو تمام و المتنبي حكيمان و إنما الشاعر البحتري" و منهم من يضيف هذا القول إلى المتنبي نفسه فيزعم أنه قال :" أنا و أبو تمام حكيمان و إنما الشاعر البحتري" و كلا الأمرين عندنا مشكوك فيه لأنه إما مخالف لعقيدة أبي العلاء في شاعرية أبي الطيب و كان يسميه وحده الشاعر و يسمي غيره من الشعراء باسمه كما قال ابن الأثير ، و إما مخالف لعقيدة أبي الطيب و إيمانه القوي بشعره على أن البحتري أصح من أبي تمام طبعا ، و أقل تكلفا ، و أوضح الثلاثة ديباجة ، و أكثرهم انسجاما ، و أسلمهم من الغموض و التعقيد، ذلك بأن نشأته البدوية جعلته لا يحتفل بالمعاني الفلسفية و الأدلة العقلية ، و لا يتورط في التزام البديع لأنه يخالف أذواق أهل البادية المطبوعين على الشعر و لا يسرف في طلب الغريب و أوتي ديباجة رائقة قلما ظفر شاعر بمثلها حتى ضرب المثل بها فقيل ديباجة بحترية ، و شبه شعره لأجلها بسلاسل الذهب لتناسقه و تماسكه و رونقه و حسن انسجامه
ابن المعتز
حياته:
ولد أبو العباس عبد الله ابن المعتز في شعبان سنة 247هـ كما يقول ابن خلكان في بيت الخلافة، وولى والده المعتز بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد العرش عام 252هـ، و مكث فيه ثلاث سنين ، قتل بعدها بيد الأتراك الذين كان بيدهم جميع أمور الدولة إبان هذه الفترة ، و كان لنكبة والده أثر عميق في حياته و نفسيته
تلقى ثقافته في الدين و اللغة و الأدب على شيوخ العربية و أئمتها الذين حفل بهم هذا العصر الزاخر بألوان العلوم و الثقافات و الآداب و كان من أساتذته المبرد، المتوفي سنة 285هـ و ثعلب المتوفي سنة 291 هـ و سواهما من فحول العلماء
ظهرت شاعريته في أول عهده بالشباب فامتلأت بها حياته كما انصرف عن مؤتمرات السياسة إلى حياة العلم و الأدب، فكاب البليغ الساحر و الشاعر المجيد، و الناقد الواقف على خصائص الأدب و البيان، و له مؤلفات كثيرة جيدة منها ، كتاب البديع ، و فصول التماثيل ، و طبقات الشعراء ، و ديوانه مطبوع في جزأين عاصر ابن المعتز بعد وفاة والده أربعة من الخلفاء العباسيين هم المهتدي ( 255-256هـ) و المعتمد( 256-279هـ) و المعتضد( 279-289هـ) و المكتفي( 289-295هـ) و عاش بينهم معتزا بشخصيته، نبيل النفس عظيم الخلق لمّا مات ابن عمه الخليفة العباسي المكتفي بالله عام 295هـ ولى الأتراك ابنه المقتدر العرش بعده، و كان طفلا فثار الناس في بغداد و انتهت هذه الثورة المسالمة بخلع المقتدر، و تولية ابن المعتز الخلافة عام 296هـ و مكث فيها ليلة واحدة ، حيث قاوم حزب المقتدر هذه الثورة تؤيده القوة الحربية في الدولة ، قبض على ابن المعتز و وزيره محمد بن دؤاد بن الجراح و قتلا عام 296هـ و بذلك انتهت حياة شاعر كبير من شعراء العربية المعدودين
شاعريته و خصائصها:
ارهفت نفسية ابن المعتز و حياته و ثقافته و بيئته مشاعره و وجدانه و إحساسه، فنشأ شاعرا ملهم الشاعرية ، قوي الملكات ، شعره صورة لحياته الخاصة أولا و لحياة الطبقة المترفة و الاتجاهات العليا في السياسة و الاجتماع و الآداب أخيرا ، و هو فوق ذلك صورة صادقة للنفس الخالصة التي تؤمن بالفن للفن لا لأغراض الحياة و حاجاتها لأنه كان يحي حياة فنية خالصة، فلم يكن ينظم الشعر لمجد أو لمال أو لرضا خليفة و إنما ينظمه لنفسه ليرضي به نفسه و وجدانه و ذوقه و قد أجاد في الشعر السياسي كما أجاد في الفخر و الإخوانيات و الغزل و خمرياته فيها دقة معان، و رقة تصوير و كثرة تشبيهات و فنه فيها يقف بجانب فن أبي نواس في خمرياته منزلته الشعرية:
ابن المعتز أديب ساحر، و شاعر ملهم و شخصية بارزة بين الشخصيات التي نبغت في القرن الثالث الهجري ، و هو أمير التشبيه في الشعر العربي القديم و الحديث يعد من الطبقة الثالثة التي خلفت طبقة أبي نواس و طبقة بشار زعيم المحدثين و يعدون معه في طبقته أبا تمام و البحتري و بعض النقاد يجعل ابن الرومي و ابن المعتز طبقة رابعة من طبقات المحدثين ، و يجعل أبا تمام و البحتري حاملي راية الطبقة الثالثة في المحدثين أما عن المدرسة الأدبية التي يمثلها ابن المعتز فهي مدرسة المحدثين التي قاد زمامها أبو تمام و البحتري و التي امتازت بميزتين:
الأولى : هي التعمق في المعاني و استنباطها مما يتجلى لك في شعر أبي تمام و ابن الرومي واضحا ملموسا الثانية: هي الصناعة الشعرية المتأنقة التي تطلب ألوان الجمال في الأداء و تعتمد على الترف البياني في الأسلوب من جناس و طباق و تشبيه و استعارة و تمثيل
ابن المعتز هو الشاعر الذي انتهت إليه الصناعة الشعرية المتعمدة المتكلفة، فقد كان يحب الفن للفن ، و ينظم الشعر ليلهو به
يقول ابن شرف القيرواني في رسالة الانتقاء: ابن المعتز ملك النظام، له التشبيهات المثلية و الاستعارات الشكلية ، و لإشارات السحرية و الافتخارات العلوية و الغزل الرائق و العتاب الشائق و وصف الحسن الفائق
نقد لشعر ابن المعتز:
يأخذ بعض الكتاب على ابن المعتز أنه لا يزيد في صوره الفنية على أن يعطيك نسخة لما يرسم لك دون أن يعبر في تصويره عن خلجات نفسه و مشاعره ففي قوله:
نظر إليك كزورق من فضة قد أثقلته حمولة من عنبر
فهو هنا يشبه الهلال بزورق من فضة أثقلته حمولة من عنبر ، فلا يزيد على أن يعطيك نسخة من صورة الهلال، لا علاقة بينها و بين إحساسه و مع ذلك فلم يحسن في نقل نسخة تامة الشبه بالهلال، و يكفي أن تتصور الهلال في خيالك ثم تتصور بجانبه زورق ابن المعتز لتدرك الفارق الكبير، و تعلم مقدار ما شوّه ابن المعتز منظر الهلال الجميل
و مما ذكر من رديء شعر ابن المعتز قوله:
أرى ليلا من الشعر على شمس من اتلناس
فالجمع كما يقول أبو هلال(1) بين الليل و الناس رديء، و قد وقع هنا باردا
نماذج من شعر ابن المعتز:
قال في الغزل:
قف خليلي لشرة (2) دارا أو محلا منها خلاء قفارا
ألبستني سقما أقام و سارت و استجاب قلبي إليها فطار
لي حبيب مكذب بالأماني جعل الدهر موعدا و انتظار
أيها الكب بلغوها سلامي و اتقوا أخذ طرفها السحارا
و قال في الفخر:
أيها السائلي على الحسب الأطـيب ما فوته لخلق مزيد
Love story- عدد المساهمات : 222
تاريخ التسجيل : 05/02/2010
العمر : 34
منتدى كلية البنات للاداب والتربية :: الفئة الأولى :: اقسام الكلية الادبية :: قسم اللغة العربية :: الادب
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الإثنين ديسمبر 10, 2012 2:35 am من طرف Somaaa
» طريقة للمحافظة على هدوءك اذا تعرضت للنقد
الخميس يونيو 21, 2012 8:59 am من طرف ROKA
» الابجدية
الثلاثاء مايو 01, 2012 3:44 am من طرف احمد نور
» أحمد نور وصل لولولولولولولولووووووووى
الخميس مارس 29, 2012 3:10 pm من طرف احمد نور
» انا عضوة جديدة
الخميس مارس 29, 2012 3:07 pm من طرف احمد نور
» سؤال ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
الخميس مارس 29, 2012 3:05 pm من طرف احمد نور
» انا سعوديه من المدينه المنورة ^^
الخميس مارس 29, 2012 3:04 pm من طرف احمد نور
» يلا عايزه ترررررررررحيب جامد
الخميس مارس 29, 2012 3:03 pm من طرف احمد نور
» ادارة الوقت و تحقيق الاهداف
الخميس مارس 29, 2012 3:03 pm من طرف احمد نور
» دبلومه كمبردج البديله لشهاده ICDL
الجمعة مارس 23, 2012 12:41 pm من طرف Admin
» انا عضوة جديده وطلبه منكم طلب
الجمعة مارس 23, 2012 12:37 pm من طرف Admin
» شوية نكت انما ايه اخر جمال هتموتو من الدحك
الإثنين مارس 05, 2012 8:09 am من طرف sosomimo1994
» السياحة والسفر داخل مصر
الجمعة فبراير 03, 2012 9:10 am من طرف Gege harmony
» مشروع خريج المستقبل
الخميس يناير 26, 2012 4:24 am من طرف ahmed next
» رسالة الى جميع الاعضاء والزائرين
الأحد يناير 22, 2012 5:33 pm من طرف سمر
» عايزة ادرس فى كلية البنات
الخميس يناير 12, 2012 6:52 am من طرف نورسين احمد
» عااااجل لكل الاعضاااااء من الادمين للاعضاااااء
الأربعاء أكتوبر 12, 2011 9:29 pm من طرف Admin
» كيف تعلم النجليزية من النت هااااااااااااااااااااااااااام جدا لكم يارب يفيدكم
الإثنين سبتمبر 12, 2011 2:37 pm من طرف Admin
» new member
الأربعاء أغسطس 17, 2011 1:54 pm من طرف Fruity
» طلب ضرورى من طالبات كليه البنات تربيه علم نفس
الثلاثاء أغسطس 16, 2011 4:20 pm من طرف dodda
» من الامور التى تشغلنا نحن الفتيات
الخميس أبريل 28, 2011 4:56 am من طرف زائر
» دعاء يدخلك الجنه فلا تتردد في الدخول
الإثنين فبراير 28, 2011 3:23 pm من طرف فاتن علي
» اخطار النوم الطويل على الصحة
الإثنين فبراير 28, 2011 12:30 pm من طرف فاتن علي
» عضوه جديده
الإثنين فبراير 28, 2011 12:08 pm من طرف فاتن علي
» عالج مشكلاتك النفسية بنفسك
السبت فبراير 19, 2011 8:14 pm من طرف hagar elsnary
» يوميات شاب عادى مسلسل جديد تابعوناااااا
الأحد فبراير 13, 2011 9:51 am من طرف bnf
» عاجل وضروري ,, أرجو الإفادة
الإثنين فبراير 07, 2011 1:30 pm من طرف أمل حياتي
» العنف الاسرى
الإثنين فبراير 07, 2011 8:53 am من طرف merooo
» السلام عليكم
الجمعة يناير 21, 2011 4:26 pm من طرف Admin
» أحدث الأغانى ... عندنا بشكل تانى
الجمعة نوفمبر 12, 2010 3:43 pm من طرف كيميائيه